⏱️ الوقت المقدر للقراءة: 12 دقيقة

عصر الذكاء الاصطناعي: ما نريد معرفته حقاً هو ‘صوت العمال’

مع النمو المتفجر للذكاء الاصطناعي التوليدي، تتغلغل وكلاء الذكاء الاصطناعي بعمق في حياتنا اليومية وعملنا. ومع ذلك، ركزت معظم الأبحاث حتى الآن على “ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله؟” بينما أهملت السؤال الأساسي “ماذا يريد العمال فعلاً؟”

البحث الأحدث المنشور من قبل باحثي جامعة ستانفورد يملأ هذه الفجوة من خلال محاولة رائدة. من خلال مسح واسع النطاق شمل 1500 عامل ميداني و52 خبير ذكاء اصطناعي، حللوا بشكل منهجي تغيرات سوق العمل في عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي من منظور العمال.

WORKBank: إطار تدقيق الذكاء الاصطناعي المتمحور حول العامل

منهجية البحث المبتكرة

جوهر هذا البحث هو بناء قاعدة بيانات جديدة تسمى WORKBank. بناءً على قاعدة بيانات المهن O*NET التابعة لوزارة العمل الأمريكية، أجروا تقييمات مزدوجة لـ 844 مهمة محددة عبر 104 مهنة، فحصوا تفضيلات الأتمتة والأسباب من منظور العمال، ومستويات جدوى الأتمتة القابلة للتحقيق بالتكنولوجيا الحالية للذكاء الاصطناعي من منظور الخبراء.

مقياس الوكالة البشرية: طيف التعاون

تجاوزاً للثنائية البسيطة “قابل للأتمتة/غير قابل للأتمتة”، طور الباحثون مقياساً من خمسة مستويات يسمى مقياس الوكالة البشرية. يتراوح هذا المقياس من الأتمتة الكاملة حيث يؤدي الذكاء الاصطناعي المهام بشكل مستقل، إلى التعاون بقيادة الذكاء الاصطناعي حيث يقود الذكاء الاصطناعي لكن البشر يراجعون، والشراكة المتساوية حيث يتعاون البشر والذكاء الاصطناعي كمتساوين، والتعاون بقيادة بشرية حيث يقود البشر بمساعدة الذكاء الاصطناعي، والمهام الأساسية البشرية التي يجب أن يؤديها البشر.

نتائج البحث المفاجئة: الفجوة بين التوقعات والواقع

قبول العمال للأتمتة

وجد البحث أن العمال قبلوا الأتمتة بشكل إيجابي في 46.1% من المهام. السبب الرئيسي كان الرغبة في “أتمتة المهام المتكررة وقليلة القيمة للتركيز على العمل عالي القيمة”. هذا يظهر نوايا تعاون استراتيجية أقوى بدلاً من مخاوف غامضة حول الذكاء الاصطناعي.

خطورة عدم التطابق بين الطلب والتكنولوجيا

حلل الباحثون تفضيلات العمال للأتمتة ومستويات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في شكل مصفوفة، واستخلصوا أربع مناطق: منطقة الضوء الأخضر حيث كل من الطلب والتكنولوجيا جاهزان، ومنطقة الضوء الأحمر حيث التكنولوجيا موجودة لكن العمال لا يريدونها، ومنطقة فرصة البحث والتطوير حيث الطلب عالي لكن التكنولوجيا ناقصة، ومنطقة الأولوية المنخفضة حيث كل من الطلب والتكنولوجيا منخفضان.

الاكتشاف الصادم كان أن جزءاً كبيراً من استثمارات الشركات الناشئة الحالية مركز في منطقة الضوء الأحمر ومنطقة الأولوية المنخفضة. هذا يظهر مدى انفصال النهج المتمحور حول التكنولوجيا عن طلبات العمال الفعلية.

تفضيلات وواقع التعاون

فضل 45.2% من العمال الشراكة المتساوية مع الذكاء الاصطناعي. في المقابل، حكم خبراء الذكاء الاصطناعي أن مستويات أقل من الأتمتة كانت قابلة للتحقيق تقنياً. هذه الفجوة في الإدراك تتنبأ بصعوبات كبيرة في عمليات تبني الذكاء الاصطناعي المستقبلية.

التحول الكبير في كفاءات الوظائف المستقبلية

اكتشف البحث اتجاهاً مهماً آخر: التحول في كفاءات الوظائف الأساسية. الكفاءات التي تتناقص أهميتها تشمل تحليل البيانات ومعالجة المعلومات، والمهام الحاسوبية المتكررة، وكتابة الوثائق البسيطة. الكفاءات التي تزداد أهميتها تشمل العلاقات الشخصية والتواصل، وقدرات تشغيل وتنسيق المنظمات، وحل المشاكل الإبداعي، والحكم الأخلاقي واتخاذ القرارات.

الرؤى: استراتيجيات جديدة لعصر الذكاء الاصطناعي

الآثار للمستثمرين والشركات

أنماط الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي محاصرة في التفكير التكنولوجي أولاً. الفرص السوقية الحقيقية تكمن في منطقة فرصة البحث والتطوير. يجب أن يركز الاستثمار على المجالات التي يريدها العمال بشدة لكن التكنولوجيا لم تكتمل بعد.

شروط نجاح الشركات الناشئة للذكاء الاصطناعي تشمل التميز التكنولوجي مع مواءمة طلب العمال، ونماذج التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بدلاً من الاستبدال الكامل، وهياكل الفوز المشترك من خلال تحسين كفاءة العمل.

توصيات لصناع السياسات

هناك حاجة لإعادة تصميم أساسية لسياسات التعليم وإعادة التدريب، والتحول من التعليم المتمحور حول التكنولوجيا إلى تعليم الكفاءات المتمحور حول الإنسان، وترقيات المهارات المستمرة من خلال أنظمة التعلم مدى الحياة، وتعزيز محو الأمية في الذكاء الاصطناعي وقدرات التعاون.

استراتيجيات الإعداد الفردي

شروط المهنيين الذين سيبقون في المستقبل تشمل القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة، والحكم الأخلاقي في المواقف المعقدة، وقدرات التواصل والتنسيق مع مختلف أصحاب المصلحة، والتفكير الإبداعي وقدرات الابتكار.

النظرة المستقبلية: عصر التعاون قادم

النظرة قصيرة المدى (1-3 سنوات)

يمكننا توقع أتمتة سريعة لمهام منطقة الضوء الأخضر، وتوسع فجوات الإنتاجية بين المهنيين المألوفين مع أدوات الذكاء الاصطناعي وأولئك الذين ليسوا كذلك، وزيادة الحاجة لتوحيد عمليات التعاون مع الذكاء الاصطناعي داخل الشركات.

النظرة متوسطة المدى (3-5 سنوات)

ستشهد هذه الفترة اختراقات تكنولوجية في منطقة فرصة البحث والتطوير، وتشكيل أنظمة خدمات الذكاء الاصطناعي المتمحورة حول العامل، وإعادة تصميم العمل بالكامل مع مراعاة مقياس الوكالة البشرية.

النظرة طويلة المدى (5-10 سنوات)

سيثبت التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي كطريقة العمل المعيارية، وستظهر فئات وظائف جديدة بما في ذلك متخصصي التعاون مع الذكاء الاصطناعي ومشرفي الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وستتأسس بالكامل أنظمة التعليم المتمحورة حول المهارات الناعمة.

الخلاصة: يجب أن يكون البشر في المركز، وليس التكنولوجيا

الرسالة الأهم التي ينقلها هذا البحث هي أن “اتجاه تطوير الذكاء الاصطناعي يجب أن يحدده البشر، وليس التكنولوجيا”. حتى الآن، ركزنا فقط على “ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله؟” لكن السؤال الحقيقي هو “كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الحياة البشرية أكثر ثراءً؟”

بحث WORKBank يظهر أن هذا النهج المتمحور حول الإنسان ليس مجرد مثال أعلى بل منهجية ملموسة وقابلة للتحقيق. يجب أن نستمع إلى أصوات العمال، ونجد نقطة التوازن بين التكنولوجيا والطلب، ونخلق مساراً لتطوير الذكاء الاصطناعي يحافظ على الكرامة الإنسانية.

الفائز في عصر الذكاء الاصطناعي لن يكون من لديه أكثر الخوارزميات تطوراً، بل من يخلق نظاماً بيئياً حيث ينمو البشر والذكاء الاصطناعي معاً.


المراجع:

  • الورقة الأصلية - “تدقيق وكلاء الذكاء الاصطناعي لتكامل الوظائف: إطار لتقييم تفضيلات الأتمتة الموجهة للعامل”
  • معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان (HAI)
  • قاعدة بيانات المهن O*NET